Sunday, January 24, 2010

حلفا الجديدة هل هى جاذبة ام طاردة

فى هذا المقال سأتحدث عن أهم إيجابيات وسلبيات منطقة حلفا الجديدة منذ الهجرة وحتى تأريخ اليوم بإختصار شديد . نسبة لبناء السد العالى بمصر وتعرض المنطفة الواقعة ما بين فرص ودال الى الغرق ، تم تهجير سكان هذه المنطقة الى شرق السودان بعد إنشاء مشروع زراعى بسهل البطانة على الضفة الغربية لنهر عطبرة . فى هذه المنطقة الجديدة تم بناء منازل جديدة لإستقرار المهجرين كما تم تخصيص عدد خمسة عشرة فدان لكل أسرة لإنتاج القطن ، القمح والفول السودانى . المعروف أن أهل حلفا لم يتعودوا على زراعة القطن والفول السودانى من قبل و كانت تعتبر محاصيل جديدة بالنسبة لهم .
فى بدايات الهجرة لم تواجه المهجرين مشاكل محددة ما عدا تغير وتبدل البيئة والمناخ الممطر الذى لم يتعودوا عليه من قبل ومع مرور الزمن تكيفوا وتأقلموا مع البيئة الجديدة .
حلفا الجديدة وهى منطقة كانت حديثة فى السودان فى ذلك الوقت جذبت الكثير من أبناء السودان ليشاركوا مع الآخرين فى بناء تلك المنطقة الوليدة وبالفعل وفد الى المنطقة الكثير من جميع بقاع السودان المختلفة .
إذن حلفا الجديدة كانت منطقة جاذبة فى بداية عهدها للأسباب التالية :
1- منطقة جديدة تحت التعمير وتحتاج للكثير من الأيدى العاملة .
2- إرتفاع دخل المزارع المهجر وتحسن أوضاعه المعيشية .
3- وفرة المدارس لتعليم الأبناء .
4- توفر الخدمات الصحية على مستوى القرية .
5- قرب المنطقة من العاصمة القومية .
6- سهولة تسويق المحاصيل .
7- تنوع مجالات الإستثمار فى المنطقة .
إستمر هذا الوضع الجيد لسنين عديدة دون أن تطرأ عليها اى جديد ، وكان القمح يعتبر العمود الفقرى بالنسبة للمهجرين حيث كان المحصول الرئيسى بالنسبة لهم ومن ريعه كانوا :
1- يعلمون الأبناء .
2- يساعدهم فى عقد الزيجات بعد الحصاد مباشرة .
3- غذاءهم الرئيسى .
4- يعتبر المصروف الرئيسى لهم حتى يأتى الموسم الجديد .
مع مرور الزمن تدهورت الأوضاع وخاصة بعد ثورة الإنقاذ الوطنى عندما وضعت الحكومة يدها على القمح وإستولت على الإنتاج تحت شعار( نأكل مما نزرع ) ، مما أدى المهجرين الى التخوف من زراعة القمح وتدهور أنتاج القمح بصورة كبيرة وبالتالى لم تتمكن الحكومة فى الإستمرار فى إنتاج هذا المحصول لأنها كانت غير مجزية إقتصادياً ولكن بعد فوات الأوان وبعد أن تدهور حالة المزارع المهجر الإقتصادية فلم يكن بمقدوره زراعة مثل هذا المحصول المكلف من دون أن يجد من يساعده فى التمويل لذا تهرب كل المهجرين تقريباً من زراعة هذا المحصول الهام ، وإعتمدوا فى غذائهم على دقيق القمح الجاهز ، وتغيرت عاداتهم واصبحوا يعتمون على الرغيف بدلاً من قوتهم التقليدى ( قراصة وسلابة ) .
ومع مرور الزمن تدهورت الأوضاع وبالذات تراكم الطمى فى خزان خشم القربة مما أدى الى تقلص المساحات المزروعة وبالذات محاصيل العروة الشتوية وأهمها محصول القمح . كما أن عدم صيانة الخزان لسنين طويلة أدت الى فقدان الكثير من المياه من بحيرة الخزان مما أثر سلبا على إنتاج وزراعة محاصيل العروة الصيفية فى المواعيد المحددة وبالتالى إنخفضت الإنتاجية بصورة كبيرة فى المشروع .
قبل عدة سنوات هاجمت أشجار المسكيت مشروع حلفا بصورة لا تصدق وغطت أشجار المسكيت الجداول الناقلة لمياه الرى والحقول والطرق مما صعب كثيراً عمليات الإنتاج وإضطر الكثير من المزارعين الى الهجرة العكسية الى الخرطوم وباقى بقاع السودان لأنهم فقدوا مصادر رزقهم ، وتدخلت الدولة عندما شعرت بخطورة الموقف وعملت على مكافحة هذه الشجرة الخطيرة والحمدلله حلفا الجديدة خالية اليوم من المسكيت .
فى السنوات الأخيرة أصبحت حلفا الجديدة طاردة للأسباب التالية :
1- عدم وجود تنمية حقيقية بالمنطقة منذ الهجرة .
2- تدهور حالة خزان خشم القربة .
3- تدهور الأراضى الزراعية فى الكثير من المواقع داخل المشروع .
4- تدهور البنيات التحتية بالمشروع وبالذات آلات الحرث ، كان إدارة المشروع تمتلك أكثر من أربعمائة جرار فماذا تمتلك اليوم .
5- إرتفاع أسعار العمليات الزراعية والمدخلات زادت من كثرة المشاركات يعنى ان تتم الزراعة بالمناصفة مع شخص آخر .
6- صعوبة تسويق المحاصيل .
7- كثرة الأمراض المستوطنة مثل البلهارسيا والملاريا وعدم جدية السلطات فى مكافحتها .
8- صغر مساحة حلفا الجديدة وعدم توفر أرضى خالية للخطة الإسكانية وتوزيع الكثير من الأراضى السكنية لمواطنين وافدين من خارج المنطقة .
9- الإنخفاض المريع فى دخل الكثير من المزارعين المهجرين .
هناك جدية من الكثير من المهجرين فى العودة الى وادى حلفا ولكنهم يتوجسون من عدم توفر مصادر للرزق والعيش حقيقية فى تلك المنطقة فقد سمعنا أن هناك تنمية فى مجالات الطرق فقط ، فهل هناك تنمية حقيقية لإستيعاب الوافدين من منطقة حلفا الجديدة وبالأخص فى المجالات الزراعية ؟
تم تكوين جمعيات تعاونية فى وادى حلفا وقد بدأ هذا العمل منذ سنين طويلة ولم ير النور حتى الآن فما هى الأسباب التى تحول دون تسجيل هذه الجمعيات ؟
الأخ الكريم معتمد وادى حلفا أستقبل الوفود الزائرة من حلفا الجديدة قبل عدة شهور ووعدهم بتخصيص أراضى سكنية للراغبين بمنطقة وادى حلفا ولكن حتى يومنا هذا لم نسمع الجديد .
لا يمكن لأحد من أهل حلفا الجديدة تنفيذ هجرة عكسية الى وادى حلفا ما لم يضمن مصدر الرزق وقد سمعنا أن هناك أراضى زراعية كافية ولكنها غير مخططة وصعبة الإنتاج فيها وتحتاج المنطقة على ما أعتقد الى مشاريع مخططة ويجب أن تتدخل السلطات فى مثل هذا العمل الكبير ، زرت من قبل سد مروى والمشروع الذى تم إنشاءه لإستيعاب أهل إمرى المتضررين ووجدت العجب فقد بذلت الدولة الكثير من أجل تهجير هؤلاء فلماذا لا تعمل الدولة على إستصلاح الأراضى فى منطقة وادى حلفا وعمل مشاريع مخططة مع توفير كل البنيات الضرورية اللازمة لهذه المشاريع ،على أن تساهم الجمعيات التعاونية فى بناء هذه المشاريع والمساهمة فى دفع جزء من تكلفتها ولو بأقساط سنوية مريحة . مناخ وادى حلفا ملائم جداً لإنتاج القمح والفول المصرى وبعض البقوليات الضرورية الأخرى وكذلك يمكن للدولة من رفع الكفاءة الإنتاجية لصيد الأسماك ببناء مصائد جديدة لتوفير العمالة لأهل المنطقة .
إذا تحققت بعض مما ورد فأكيد أن يأتى مجموعات من أهل حلفا الجديدة للعيش فى وادى حلفا وسيعمل هذا على تطوير المنطقة فكلما زاد عدد السكان كلما كانت هناك فرصة للتنمية الحقيقية . والى لقاء آخر
أحمد عثمان جبرة
حلفا الجديدة القرية - 16

No comments:

Post a Comment